تتسم العلاقات التي تجمع بين المملكة وكوريا الجنوبية، والتي تحتفل العام الجاري بالذكرى الـ60 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، بالترابط القوي، حيث يجمعهما التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري عبر عقود طويلة من الزمن.
ولم يكن التعاون في تلك المجالات فقط الرابط بين البلدين، حيث تبنت الدولتان العديد من القضايا الدولية، مما ساهم في تعميق العلاقات السعودية الكورية.
بداية العلاقة
وشهدت بداية العلاقات بين البلدين توقيع اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1962 في عهد الملك سعود والرئيس الكوري "بارك شونغ هي".
وافتتحت كوريا سفارتها لدى المملكة عام 1973، فيما افتتحت المملكة سفارتها لدى سيول في عام 1974.
شراكة ثنائية
وتعززت جهود الشراكة الإستراتيجية بين المملكة وكوريا الجنوبية على خلفية لقاء جمع الأمير محمد بن سلمان ورئيسة كوريا الجنوبية السابقة بارك كيون هي، على هامش انعقاد قمة قادة مجموعة العشرين بالصين في شهر سبتمبر 2016.
وشهد هذا اللقاء تأكيد ضرورة تفعيل أعمال اللجنة السعودية الكورية المشتركة وتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وإقامة شراكة إستراتيجية رسمية، وتشجيع إقامة علاقات تجارية واقتصادية أقوى.
وأسس البلدان اللجنة المشتركة قبل أكثر من 40 عاماً تقريباً، ويكمن دورها في تعزيز العلاقات والمصالح المشتركة بينهما، وتعقد هذه اللجنة اجتماعاتها كل سنتين بالتناوب بين الرياض وسيول، وكان آخِر انعقاد لها في الدورة الـ 19 خلال شهر ديسمبر 2019، في الرياض.
رؤية مشتركة
وأطلق البلدان الرؤية السعودية الكورية 2030، في شهر أكتوبر عام 2017، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة من ممثلي الجهات والهيئات الحكومية ذات العلاقة من البلدين، لمراجعة التقدم في هذه الشراكة، واعتماد مشروعات الرؤية وخططها التنفيذية، وتذليل الصعوبات في تنفيذها.
وتعتبر كوريا الجنوبية واحدة من ثمان دول تتعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030، كما توافق البلدان من خلال لجنة (الرؤية السعودية الكورية 2030) على 40 مشروعًا ومبادرة مبدئية لتأسيس الشراكة بينهما، تتوزع على 5 مجموعات فرعية لحوكمة اللجنة، وذلك بغرض متابعتها ودعمها للوصول إلى أهدافها المرجوة.
وتشمل هذه المجموعات مجموعة الطاقة والتصنيع، ومجموعة البنية التحتية الذكية والتحول الرقمي، ومجموعة بناء القدرات، ومجموعة الرعاية الصحية وعلوم الحياة، وأخيراً مجموعة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والاستثمار.
التبادل التجاري
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2021 نحو 26.5 مليون دولار، وسجل الميزان التجاري فائضاً لصالح المملكة بقيمة 19.6 مليون دولار، حيث صدرت المملكة لكوريا الجنوبية في العام نفسه بقيمة 23 مليون دولار، فيما استوردت المملكة بقيمة 3.4 مليون دولار.
استثمارات متبادلة
وتستثمر 3 من أبرز الشركات السعودية في كوريا برأس مال يبلغ 6.35 مليار دولار، من بينها أرامكو التي تنشط في قطاع الفحم والنفط والغاز، وتمتلك 4 مشاريع وشركتين بحجم استثمارات بلغ 5.1 مليار دولار، وسابك بمشروع واحد وشركة واحدة بحجم استثمارات بلغ مليار دولار، والشركة المتقدمة للبتروكيماويات ولديها 3 مشاريع وشركتان بحجم استثمارات بلغ 168 مليون دولار.
بلغ عدد الاستثمارات الكورية في المملكة 132 استثماراً، بإجمالي رأس مال يقارب 3.06 مليار دولار، وتشمل مجالات التعدين والمحاجر، والكهرباء والغاز والبخار وتكييف الهواء، والنقل والتخزين، والصناعة التحويلية، والتشييد.
ومن أبرز الشركات الكورية الجنوبية المستثمرة في المملكة، شركة سامسونج العربية السعودية، وشركة دي إل السعودية العربية المحدودة، والشركة العالمية للصناعات البحرية، وشركة رابغ للكهرباء، والشركة العالية للبوليمرات، والشركة السعودية لأنابيب الصلب.
وساهم الصندوق الصناعي في دعم وتمويل المشاريع المشتركة مع كوريا، والتي استفاد منها أكثر من 12 مشروعًا مشتركًا تزيد قيمة تمويلها عن 2.8 مليار دولار، كما توجد استثمارات كورية صناعية في مدن الهيئة السعودية للمدن الصناعية يبلغ عددها 3 مصانع كورية تعمل في مجالات تصنيع المطاط، البلاستيك، أنابيب الصلب وغيرها.
وحصلت شركة سامسونغ للهندسة ومجموعة هيونداي الكوريتان على عقد لتنفيذ بعض أعمال مشروع حقل الجافورة للغاز في المملكة، بقيمة تفوق 11 مليار دولار، كما دخلت شركة هيونداي للصناعات الثقيلة شريكاً في مشروع إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير، والذي يُعَدّ أكبر مشروع من نوعه في المملكة والمنطقة من حيث القدرة الإنتاجية.
وسجلت الهيئة السعودية للملكية الفكرية في 2021، أكثر من 445 نموذجاً صناعياً، و2881 علامة تجارية، و543 براءة اختراع، ضِمن الإيداعات الفكرية للشركات الكورية.
