بين هدير أمواج جدة وموجات انتقاد لم تهدأ، خاض مشروعه في صمت وهدوء متسلحًا بإيمان عشاقٍ "مجانين" لم يهدأ في المقابل دعمهم ومؤازرتهم، مدركين أن اللحظة ستحين يومًا ليحتفلا معًا بحصد الثمار التي لن يستمتع بقطفها سواهم.

مشروع "يايسله" الذي حقق أخيرًا نجاحًا لم يسبقه إليه منافسوه، أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الأهلي بإدارته وجماهيره عرفوا قيمة الصبر طالما تزامن معها العمل الدؤوب بخطة طموحة ومدروسة بعناية.

المدرب الألماني "ماتياس يايسله" الذي تولى دفة الأهلي قبل عامين، واجه ثلة من الانتقادات بعد الخروج بموسم صفري "2023-2024"، لكن إدارة النادي ومن ورائها جمهور عريض لمسوا في "مشروع يايسله" أملًا للغد سيؤتي حتمًا ثماره.

وكتب النادي الأهلي التاريخ وتوج بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة كأول نادٍ يتوج بلقب البطولة بمسماها الجديد، ولم يكن فوز الأهلي وليد الصدفة بل جاء نتاج عمل كبير على مدى طويل من المدرب الألماني الشاب الذي عرف مبكرًا طريق منصات التتويج خلال تجربته في أوروبا، ليدرك أخيرًا طريقها على الأراضي السعودية ومن بوابة أعرق بطولات القارة الآسيوية "أكبر قارات العالم".

وتعد خطة الأهلي في دوري أبطال آسيا للنخبة بمثابة نموذجًا يحتذى به؛ إذ تولى يايسله مسؤولية "الملكي" في ظرف تاريخي خاص، إذ كان الفريق عائدًا لتوه إلى دوري الكبار وتم تدعيمه بصفقات عالمية، منها من أثبت حضوره ومنها من خالف التوقعات، لكن يايسله سار في مشروعه بثبات وأنهى الموسم الماضي بشكل مثالي على مستوى الدوري الذي أنهاه ثالثًا خلف الهلال والنصر اللذين كان يحلقان بعيدًا عن المنافسين، لكن المدرب الألماني وضع المركز الثالث نصب عينيه لاسيما وأنه المؤهل إلى دوري أبطال آسيا للنخبة.

ومع انطلاقة النسخة التاريخية من "نخبة آسيا"، لم يكن الأهلي متصدرًا لترشيحات الجماهير والمحللين لكن "يايسله" وكتيبته كان لهما رأي آخر وأثبتا جدارتهما مبكرًا للمنافسة، حيث حصد الفريق 22 نقطة في مرحلة مجموعة الغرب ليحل ثانيًا بفارق الأهداف عن الهلال، فيما واصل مشواره في البطولة التي توج بلقبها دون هزيمة، واللافت أنه تخطى في طريقه مواطنه الهلال الذي كان يعد المرشح الأول لنيل اللقب.

دوريًا، فإن الأهلي تعامل مع المسابقة باعتبارها "اختبار جودة" للفريق لاسيما في المباريات الكبرى وهو ما تعكسه أغلب نتائج الفريق في المواجهات الكبرى، حيث إن الأهلي خلال الموسم الحالي نجح في كسر عقدة الهلال بالفوز عليه في عقر داره.

لكن النقطة الأبرز في مشروع يايسله تلك المتمثلة في "ملف الأجانب" حيث اتخذ قرارات جريئة على مستوى اللاعبين الأجانب، فبعيدًا عن التدعيمات القوية بالتعاقد مع نجوم مميزين أبرزهم إيفان توني، إلا أن يايسله قرر الاستفادة من نظام دوري أبطال آسيا للنخبة بشكل كامل، فكان قراره إبعاد ثنائي أجنبي عن الدوري وتجهيزهما لآسيا وهما البرازيلي فيرمينو والمقدوني أليوسكي، واللافت أن الثنائي قدما أداءً كبيرًا في المباريات الآسيوية، والدليل على ذلك فوز فيرمينو بجائزة أفضل لاعب في المباراة النهائية، فضلًا عن دوره الكبير في المباريات الإقصائية.

مشروع يايسله وضع الأهلي على طريق البطولات، وهو الطريق الذي استهله "الملكي" بأقوى الألقاب، الأمر الذي سيجعل الفريق أمام تحديات كبيرة في الموسم الجديد من أجل استعادة الريادة المحلية بعدما اعتلى عرش الكرة الآسيوية، تحدٍ يبدو كبيرًا لكن ثقة "الأهلاويين" في مشروع المدرب الألماني تدفعهم للتفاؤل وانتظار المزيد من الإنجازات.