في وسط الطبيعة الساحرة التي تعانق آثار الماضي العريق، في جنوب غرب مدينة نجران، تقع قرية "الحضن"، حيث يرسم وادي نجران حدودها الشمالية، وسلسلة جبال "نهوقة" من الجنوب، ويحدها غربًا جبلا رعوم وأبو همدان، وقرية "الجربة" من الشرق، ضمن امتداد طبيعي يضم مزارع النخيل والقرى الطينية التي تمثل نموذجًا للحياة الريفية الهادئة.
وتتميز قرية "الحضن" بتناغم بصري لافت يجمع بين جمال الطبيعة والتاريخ، فمن الغرب تطل قلعة رعوم الأثرية وقمة جبل أبو همدان على القرية، بينما يشرف قصر "العان" التاريخي من أعلى جبل "سعدان" شمالًا، وتكتمل الصورة بالحقول الزراعية الخضراء ومزارع النخيل المعمرة والقرى الطينية القديمة، ليشكّل هذا المزيج الفريد وجهة جاذبة للزوار من داخل المنطقة وخارجها.
ووصف المواطن عبدالله عدلان، أحد سكان القرية والمهتم بالزراعة والسياحة الريفية، الحياة اليومية في "الحضن"، بالبساطة والترابط الاجتماعي الوثيق، حيث يعتمد السكان بشكل أساسي على الزراعة وتربية المواشي في معيشتهم، بالإضافة إلى مشاركتهم الفاعلة في المناسبات الاجتماعية التي تعزز الروابط بينهم، كما يحرص الأهالي على صون هويتهم الثقافية من خلال ترميم المنازل الطينية القديمة، التي يعود تاريخ بعضها إلى مئات السنين.
وأشار عدلان إلى أن "الحضن" تزود الأسواق المحلية بمختلف أنواع المحاصيل الزراعية، وعلى رأسها العنب والفراولة والتمور، بالإضافة إلى التين والليمون والبرتقال وأنواع أخرى من الخضراوات والفواكه. ويعود هذا الإنتاج الوفير إلى خصوبة التربة وتوفر المياه العذبة، واعتماد غالبية السكان على الزراعة كمهنة متوارثة عبر الأجيال.
من جهته، أوضح رئيس جمعية السياحة بنجران إبراهيم آل منصور أن تاريخ قرية "الحضن" يمتد لقرون عديدة، وتعكس آثارها وهندستها المعمارية الطينية هذا الإرث العريق، مبينًا أنها كانت محطة هامة على طريق عبور القوافل القادمة من اليمن.
وأضاف أن القرية تضم أيضًا أول مقر إداري للإمارة في المنطقة بقرية البديع، والذي شُيِّد عام 1353هـ، ليشكل شاهدًا على تاريخ وطني يجسد جهود الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –رحمه الله– في توحيد المملكة، وما تلا ذلك من تطورات اجتماعية واقتصادية.
وأكد آل منصور على أن قرية "الحضن" تُعد وجهة سياحية بارزة في منطقة نجران لما تتمتع به من مقومات طبيعية ومناظر بانورامية خلابة تطل على أبرز المواقع الأثرية، ما يجعلها مسارًا سياحيًا هامًا يمزج بين التراث الثقافي والجمال الطبيعي، بفضل موقعها الاستراتيجي الذي يمثل نقطة التقاء بين الجبال والواحات الزراعية والأودية.
**carousel[9459101,9459103,9459104,9459102,9459100]**