أعلن وزير الموارد البشرية والتنمية البشرية أحمد الراجحي، عن تدشين المنصة الوطنية للمهارات ضمن مبادرة "مسرعة المهارات"، التي تهدف إلى تأهيل أكثر من 300 ألف متدرب في قطاعات استراتيجية تشمل الطاقة، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، وتجارة التجزئة، من خلال رحلة تعليمية متكاملة، ونماذج تدريب مرنة تدمج بين التعلم الرقمي والتطبيقي؛ وذلك بالتعاون مع برنامج تنمية القدرات البشرية.
وأشار إلى أن هذه المنصة توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تصنيف المهارات، وتوجيه الأفراد نحو المسارات التدريبية الأكثر توافقًا مع متطلبات السوق، مؤكداً أنها تمثل أداة استراتيجية لتمكين الكفاءات الوطنية.
وقال الراجحي، خلال حديثه في فعاليات اليوم الثاني من "مؤتمر مبادرة القدرات البشرية"، إن المملكة تشهد تحولات جوهرية يقودها الذكاء الاصطناعي والتطور المتسارع في الأتمتة، ضمن ملامح الثورتين الصناعيتين الرابعة والخامسة، موضحًا أن هذه التحولات لم تعد جزءًا من المستقبل، بل أصبحت واقعًا يعيد تشكيل سوق العمل ومفاهيمه الأساسية.
وأضاف، أن هناك تحديات تظهر بوتيرة أسرع مما توقعنا، ومع كل موجة من التقدم التقني هناك تغيرات، فبحلول 2030 فإن أكثر من 92 مليون وظيفة ستكون قديمة، حيث ستغير الأتمتة والذكاء الاصطناعي الطريقة التي تعمل بها القطاعات ويعمل بها الموظفون.
وأوضح أن فجوة المهارات العالمية تتغير، حيث إن 40% من مهارات العمل تتغير، و63% من الموظفين يحددون التحديات في المواهب المؤهلة، والسؤال الذي يجب أن يطرح هو هل نحن جاهزون أم لا؟
ولفت إلى أن هناك تحديات للتدريب والمهارات في بعض القطاعات فمجال الأمن السيبراني يواجه إشكالية 3.4 مليون وظيفة، بينما الذكاء الاصطناعي يواجه فجوة توظيف بنسبة 50%؛ لذلك يجب أن نستجيب عن طريق التخطيط للقوة العاملة الاستراتيجية، حيث قمنا في المملكة بتفعيل نهج قائم على الطلب.
وسلط الوزير الضوء على الجهود التنظيمية التي تقودها الوزارة في بناء منظومة وطنية للمهارات، من خلال إنشاء 13 مجلسًا قطاعيًا للمهارات بمشاركة أكثر من 240 ممثلًا من الجهات ذات العلاقة، إلى جانب تطوير المعايير المهنية الوطنية لـ 300 مهنة، بما يعزز المواءمة بين مخرجات التدريب واحتياجات سوق العمل.
وبيّن أن الشهادات التقليدية لم تعد البوابة الوحيدة للفرص، فأصحاب العمل يبحثون عن قوة عاملة تتمتع بالخبرة، وقد أطلقنا بالشراكة مع برنامج القدرات البشرية مبادرة مسرعة المهارات لنقدم 300 ألف فرد يتمتعون بخبرات في قطاعات مثل الرعاية الصحية والمالية وقطاع التجزئة عن طريق تحليل ما يحتاجه السوق بالتعاون مع الشركات والمؤسسات التعليمية، حيث يتم التدريب عن طريق مزج التعلم الافتراضي مع التعليم الحضوري.
وذكر أن الخبرات الفنية لم تعد كافية، فالتفكير الاستراتيجي والتأقلم والقيادة في غاية الأهمية، وإعادة التمهير للقوى العاملة أولوية وطنية؛ لذلك أطلقنا معسكرًا وطنيًّا للتدريب باللغة العربية باسم "وعد" نستثمر من خلاله القدرات الإنسانية، حيث حقق في أول مرحلة ما يزيد عن مليون فرصةتدريبية، وفي نوفمبر الماضي أطلقنا المرحلة الثانية من "وعد" التي تستهدف 3 ملايين فرصة تدريبية مع 60 شريكًا من القطاعين العام والخاص.
وأوضح الراجحي أن مبادرة التدريب الموازي للمرأة سجّلت نتائج تجاوزت المستهدف بنسبة 22%، من خلال شراكات مع 70 مؤسسة تدريبية وأكثر من 45 ألف منشأة، وحققت معدل احتفاظ وظيفي بلغ 92% في القطاع الخاص.
يُذكر أن مؤتمر مبادرة القدرات البشرية 2025 يُعقد في نسخته الثانية بمدينة الرياض، ويجمع أكثر من 300 متحدث من قادة الفكر والخبراء من مختلف دول العالم، تحت شعار "ما بعد الاستعداد للمستقبل"؛ بهدف مناقشة سُبل تنمية القدرات البشرية وتطوير رأس المال البشري بما يتوافق مع المتغيرات العالمية المستقبلية.
وشهد المؤتمر توقيع مذكرتي تفاهم ثلاثيتين بين وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وكل من وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزارة النقل والخدمات اللوجستية، بالتعاون مع برنامج تنمية القدرات البشرية؛ بهدف دعم تنفيذ مبادرة "مسرعة المهارات" من خلال تقديم برامج تدريبية للقطاعات المستهدفة، وتفعيل الممكنات الرقمية والإعلامية، إلى جانب تطوير الدراسات والمؤشرات المرتبطة بتنمية القدرات البشرية.